Skip to main content

مؤشر مدركات الفساد: أبرز الملامح

180 دولة. 180 درجة. كيف كان أداء دولتك؟

A blue and red map of the world on a black background with puppets waving bank notes in different areas of the world

Image: Amy Chiniara © Transparency International

مع مرور عامين على انتشار جائحة كوفيد-19 المدمّرة، يكشف مؤشر مدركات الفساد لهذا العام أن مستويات الفساد كانت في حالة ركود على المستوى العالمي.

ورغم الالتزامات التي تم التعبير عنها على الورق، فإن 131 دولة لم تحقق تقدماً يذكر في مكافحة الفساد على مدى العقد الماضي، وهذا العام انخفضت درجات 27 دولة إلى أدنى مستوى في تاريخها على مؤشر مدركات الفساد. في هذه الأثناء، تتعرض حقوق الإنسان والديمقراطية للهجوم في سائر أنحاء العالم.

وهذا ليس من قبيل المصادفة، إذ إن الفساد يمكّن انتهاكات حقوق الإنسان، بالمقابل، فإن ضمان الحقوق والحريات الأساسية يعني عدم إتاحة المجال لحدوث الفساد دون اعتراض.

تُظهر نتائج مؤشر مدركات الفساد لهذا العام أن الدول التي تحمي الحريات المدنية والسياسية بشكل جيد تسيطر على الفساد بشكل أفضل عموماً؛ إذ إن الحريات الأساسية في التجمع والتعبير محورية في الكفاح من أجل عالم خال من الفساد.

ثمة حاجة ملحة لتسريع مكافحة الفساد إذا كان لنا أن نوقف انتهاكات حقوق الإنسان ونضع حداً للتراجع الديمقراطي في سائر أنحاء العالم.

Please accept marketing cookies to view this video.

Externally hosted content may include ads. These aren't endorsed by or reflect Transparency International's views.

أبرز الملامح المستمدة من المؤشر

يصنف المؤشر 180 دولة وإقليماً حسب المستويات المدرَكة لفساد قطاعها العام طبقاً للخبراء وأوساط الأعمال. ويعتمد على 13 مصدراً مستقلاً للبيانات ويستعمل مقياساً يتدرج من 0 إلى 100، حيث يكون الصفر الأكثر فساداً و100 الأكثر نزاهة.

يسجل أكثر من ثلثي الدول (68 بالمئة) أقل من 50 درجة ويبقى المعدل العام ثابتاً عالمياً عند 43 درجة. منذ عام 2012، حسّنت 25 دولة درجاتها، لكن في الفترة نفسها تراجعت 23 دولة بشكل ملحوظ.

The CPI uses a scale of 0 to 100

50/100 2/3 من الدول حصلت على درجة أقل من
43/100 بلغ المعدل العام

الدول الأفضل والأسوأ أداء

هذا العام، كانت الدول الثلاث التي حققت أعلى الدرجات هي الدنمارك، وفنلندا ونيوزيلندا، حيث حصلت كل منها على 88 درجة. وتكمل النرويج (85)، وسنغافورة (85)، والسويد (85)، وسويسرا (84)، وهولندا (82)، ولكسمبورغ (81) وألمانيا (80) العشرة الأُوَل.

ويظل جنوب السودان (11)، وسوريا (13) والصومال (13) في ذيل المؤشر.

وتنزع الدول التي تعاني من صراعات مسلحة أو من الاستبداد إلى الحصول على أدنى الدرجات، بما في ذلك فنزويلا (14)، وأفغانستان (16)، وكوريا الشمالية (16)، واليمن (16)، وغينيا الاستوائية (17)، وليبيا (17) وتركمانستان (19).

ما الذي تغيّر؟

بشكل عام، يظهر مؤشر مدركات الفساد أن عملية السيطرة على الفساد عانت من الجمود أو ساء حالها في 86 بالمئة من الدول على مدى العقد الماضي.

CPI score changes, 2012-2021

في السنوات الخمس الأخيرة، تراجعت عدة دول بشكل ملحوظ على المؤشر، بما في ذلك كندا (-8)، ونيكاراغوا (-6)، وهندوراس (-6) وفنزويلا (-4). أما أهم الدول التي سجلت تحسناً ملحوظاً في الفترة نفسها فهي أرمينيا (+14)، وأنغولا (+10)، وكوريا الجنوبية (+8)، وأوزبكستان (+6)، ومولدوفا (+5) وإثيوبيا (+4).

Most significant five-year movers

في هذه الأثناء، فإن درجات عدة ديموقراطيات كانت تحتل الدرجات العليا على المؤشر وتقود جهود مكافحة الفساد في العالم تتراجع. وما يزال الكثير من هذه الدول التي تحقق درجات مرتفعة ملاذات آمنة للأشخاص الفاسدين القادمين من الخارج.

تعرّف على الدول التي تحصل عادة على أعلى الدرجات على مؤشر مدركات الفساد وسجلت تراجعاً هذا العام، في الوقت الذي تساعد فيه قادة فاسدين في دول حصلت على درجات متدنية على النجاة بأفعالهم في ارتكاب الفساد وانتهاك حقوق الإنسان.

الحقوق عرضة للهجوم

من قمع أنصار المعارضة في بيلاروسيا، إلى إغلاق وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني في نيكاراغوا، إلى العنف المميت ضد المحتجين في السودان وقتل المدافعين عن حقوق الإنسان في الفلبين، تتعرض حقوق الإنسان والديمقراطية للتهديد في سائر أنحاء العالم.

وعلى نحو متزايد، يجري تقويض الحقوق وآليات الضبط والتوازن ليس فقط في الدول التي يسودها فساد ممنهج ومؤسسات ضعيفة، بل أيضاً في دول ديمقراطية راسخة. منذ عام 2012، شهد 90 بالمئة من الدول ركوداً أو تراجعت درجاتها في الحريات المدنية على مؤشر الديمقراطية.

كما استُخدمت جائحة كوفيد-19 العالمية في الكثير من الدول كذريعة للتضييق على الحريات الأساسية والالتفاف على ضوابط وتوازنات مهمة.

ورغم الزخم الدولي المتزايد لوضع حد لانتهاكات الشركات الوهمية، فإن الكثير من الدول ذات الدرجات العالية وذات القطاع العام "النظيف" نسبياً تستمر في تمكين الفساد العابر للحدود الوطنية.

الصلة بين الفساد وحقوق الإنسان

يظهر تحليلنا لنتائج مؤشر مدركات الفساد لهذا العام أن الالتزام بحقوق الإنسان أمر محوري في مكافحة الفساد، حيث تسجل الدول التي تنتهك الحريات المدنية بشكل عام درجات أقل على مؤشر مدركات الفساد.

يقوّض الفساد قدرة الحكومات على ضمان حقوق الإنسان لمواطنيها. وهذا يؤثر على تقديم الخدمات العامة، وتحقيق العدالة وتوفير السلامة للجميع. وعلى وجه الخصوص، فإن عمليات الفساد الكبيرة المرتكبة من قبل مسؤولين رفيعين تجمع السرقة واسعة النطاق للأموال العامة وبشكل عابر للحدود الوطنية إلى انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.

ويظهر تحليلنا أن خطط فساد كهذه – التي تتلقى التسهيلات في كثير من الأحيان من اقتصادات متقدمة تحقق درجات جيدة على مؤشر مدركات الفساد – تُفاقم القمع من خلال السماح للمستبدين بفعل ما يلي:

  1. التمتع بالأموال المنهوبة. من خلال استخدام مصرفيين متواطئين، ومحامين ووسطاء عقاريين في مراكز مالية كبرى، يستطيع الفاسدون تخزين مكاسبهم غير المشروعة، ومكافأة أزلامهم والمقربين منهم وتركيز السلطة في أيديهم بشكل أكبر.
  2. تبييض سمعتهم في الخارج. من خلال رشوة السياسيين الأجانب واستخدام شركات علاقات عامة غربية وجماعات ضغط، فإن الأنظمة الاستبدادية والناهبة تخفف الضغوط الدولية على سجلها في مجال حقوق الإنسان.
  3. تجنب المساءلة. من خلال إساءة استخدام الشركات السرية والاستثمارات مجهولة المالك، يمكن للفاسدين إخفاء مخالفاتهم عن أجهزة إنفاذ القانون أو الهيئات القضائية والنجاة من التبعات.
حقوق الإنسان ليست مجرد شيء يستحسن أن يكون موجوداً في جهود مكافحة الفساد. فالنهج الاستبدادي يدمر الضوابط والتوازنات المستقلة ويجعل جهود مكافحة الفساد تعتمد على أهواء النخبة. إن ضمان قدرة الناس على التحدث بحرية والعمل بشكل جماعي لإخضاع السلطة للمساءلة يمثل الطريق الوحيد المستدام للوصول إلى مجتمع خالٍ من الفساد.
Delia Ferreira Rubio رئيسة منظمة الشفافية الدولية

إن حقوقاً جوهرية مثل حرية التعبير، وحرية التجمع والوصول إلى العدالة تضمن المشاركة العامة وتفرض ضوابط على الفساد. والموجة الحالية من الاستبداد ليست مدفوعة بالانقلابات والعنف، بل

بجهود تدريجية لتقويض الديمقراطية. وهذا يبدأ عادة بهجمات على الحقوق المدنية والسياسية، وجهود لتقويض استقلال الهيئات الرقابية والانتخابية، والسيطرة على وسائل الإعلام.

تسمح مثل تلك الهجمات للأنظمة بتحاشي المساءلة والانتقاد، الأمر الذي يوجِد بيئة تمكّن الفساد من الازدهار

Corruption and breaches of civil liberties

المصدر: وحدة الاستخبارات الاقتصادية في الإيكونوميست، مؤشر الديمقراطية 2020.

أرمينيا

تعد أرمينيا إحدى قصص نجاح مؤشر مدركات الفساد في الأعوام الخمسة الماضية، حيث تحسنت 40 نقطة منذ عام 2017 لتصل إلى درجة 49. نجحت احتجاجات جماهيرية في عام 2018 في الإطاحة بنخبة سياسية متمسكة بقوة بالسلطة لصالح حكومة ذات توجهات إصلاحية. ومنذ ذلك الحين وسّعت أرمينيا الحريات المدنية، ومهدت الطريق لدرجة أكبر من المشاركة المدنية المستدامة وتحقيق المساءلة. رغم التقدم المحرز، فإن الأجندة الإصلاحية تعثرت في العام الماضي وينبغي على الحكومة تأكيد التزامها بها.

أوزبكستان

تعد أوزبكستان واحدة من الدول التي تتحسن بشكل ثابت ومستمر على مؤشر مدركات الفساد، حيث ارتفعت درجتها من 17 فقط في عام 2012 إلى 28 هذا العام. وأسهمت الإصلاحات التي تم تبنيها منذ عام 2016 بتحقيق تحسن متواضع في الحريات المدنية، خصوصاً حرية التعبير. إلا أن أوزبكستان ما تزال دولة استبدادية وثمة حاجة لفعل المزيد لتحقيق مكاسب دائمة في مكافحة الفساد.

سنغافورة

وجود اقتصاد محدَّث، وجهاز بيروقراطي كفؤ ودرجة قوية من سيادة القانون جميعها تسهم في نجاح سنغافورة. لكنها ما تزال متأخرة في مجال حقوق الإنسان مثل حرية التعبير وتشكيل الجمعيات، الأمر الذي يعني أن أي نجاح في مكافحة الفساد يرتبط بالإرادة السياسية للنخبة الحاكمة ويمكن عكسه بسهولة.

مناخ غير آمن للتحدث بجرأة

إن الفساد والإفلات من العقاب يجعلان من غير الآمن بالنسبة للناس رفع الصوت والمطالبة بالعدالة. وقد حدثت 98 بالمئة من جرائم قتل المدافعين عن حقوق الإنسان البالغ عددها 331 في عام 2020 في دول تسودها مستويات عالية من فساد القطاع العام، كما يظهر ذلك تحقيق درجة أدنى من 45 على مؤشر مدركات الفساد. وقد كان ما لا يقل عن 20 من هذه الحالات يتعلق بمدافعين عن حقوق الإنسان يركزون بشكل خاص على قضايا مكافحة الفساد.

Corruption and murders of human rights defenders

المصدر: Frontline Defenders, Global Analysis 2020.

نيكاراغوا

لقد تراجعت نيكاراغوا تسع نقاط على المؤشر منذ عام 2012، لتصل إلى 20 درجة فقط. وقد رد الرئيس الذي يحكم منذ مدة طويلة، دانييل أورتيغا، على الاتهامات بالفساد بقمع وسائل الإعلام، والفضاء المدني والمؤسسات الرقابية. وقد تراجعت درجات نيكاراغوا على مؤشرات حرية التعبير، وحرية إنشاء الجمعيات والوصول إلى العدالة إلى مستويات قياسية في التدني.

الفلبين

بتسجيلها 33 درجة، فإن الفلبين تراجعت بشكل ملحوظ، حيث خسرت خمس نقاط منذ عام 2014. ومنذ انتخاب رودريغو غوتيرتي، شهدت الفلبين أيضاً تراجعاً حاداً في حرية تشكيل الجمعيات وحرية التعبير، الأمر الذي زاد من صعوبة الحديث عن الفساد. في عام 2020، كانت الدولة التي حدث فيها أعلى عدد من جرائم قتل المدافعين عن حقوق الإنسان، حيث وصل العدد الإجمالي إلى 25 وفاة.

أذربيجان

لقد ظلت أذربيجان في الثلث الأدنى على مؤشر مدركات الفساد منذ عام 2012، حيث تراوحت درجتها بين 25 و30. في عام 2017، كشف تحقيق لوندرومات الأذربيجاني كيف أن أموالاً غير شرعية كثيرة أنفقت على تبييض سمعة النظام من خلال دفع مبالغ مالية – معظمها من خلال بنك دانسك – لسياسيين في سائر أنحاء أوروبا، بينما قام النظام بسجن شخصيات معارضة وشخصيات إعلامية تنتقده في الداخل.

ما ينبغي فعله

قد يكون الفساد مشكلة متعددة الأوجه، لكنها مشكلة نعرف كيفية حلّها. إننا ندعو الناس إلى مطالبة الحكومات بالوفاء بالتزاماتها في مجالي مكافحة الفساد وحقوق الإنسان، وبعض هذه الالتزامات عمره عقود ولم يتم تحقيقه حتى الآن. لقد كانت الكثير من النجاحات المتحققة في مجال مكافحة الفساد في التاريخ الحديث نتيجة الجهود المنسقة التي لا تكل والتي يبذلها الناس العاديون الذين اتخذوا مخاطر شخصية كبيرة لإحداث التغيير.

من أجل وضع حد للحلقة المفرغة للفساد، وانتهاكات حقوق الإنسان وتراجع الديمقراطية، ينبغي على الناس مطالبة حكوماتهم بالقيام بما يلي:

  1. ضمان الحقوق اللازمة لإخضاع السلطة للمساءلة. ينبغي على الحكومات رفع أية قيود غير متناسبة على حرية التعبير، وتشكيل الجمعيات والتجمع التي فُرضت منذ بداية الجائحة. كما يجب جعل ضمان تحقق العدالة ضد الجرائم الواقعة على المدافعين عن حقوق الإنسان أولوية عاجلة.
  2. استعادة وتعزيز قوة الضوابط المؤسساتية المفروضة على السلطة. ينبغي أن تكون هيئات الرقابة العامة مثل هيئات مكافحة الفساد والمؤسسات الرقابية العليا مستقلة، وتتمتع بالموارد الكافية وقادرة على اكتشاف المخالفات ومعاقبتها. كما ينبغي على البرلمانات والمحاكم أن تكون متيقظة أيضاً لمنع تجاوز السلطة التنفيذية لصلاحياتها.
  3. مكافحة الفساد العابر للحدود الوطنية. إن حكومات الدول المتقدمة بحاجة لإصلاح نقاط الضعف الكامنة في منظوماتها والتي تسمح بحدوث الفساد العابر للحدود الوطنية دون أن تتمكن من اكتشافه أو معاقبته. ويجب أن تسد جميع الثغرات القانونية، ووضع الضوابط على الجهات التي تمكّن من ارتكاب الجرائم المالية، وضمان عدم تمكن الفاسدين والمتواطئين معهم من النجاة من العدالة.
  4. ضمان الحق في الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالإنفاق الحكومي. كجزء من جهود التعافي من جائحة كوفيد-19، يجب على الحكومات الوفاء بالتعهدات الواردة في الإعلان السياسي للجمعية العامة للأمم المتحدة بتضمين ضوابط مكافحة الفساد في عمليات المشتريات العامة. إن تحقيق أقصى درجات الشفافية في الإنفاق العام يحمي حياة الناس وسبل عيشهم.

تعمق أكثر في التحليل

اقرأ تقرير مؤشر مدركات الفساد

For any press inquiries please contact [email protected]