Skip to main content

الأبعاد الخطيرة للتعديلات الدستورية المقترحة في مصر

Young boy watches riots erupt, Egypt, December 2011

Translation of: The alarming message of Egypt’s constitutional amendments

يتأهب نواب البرلمان المصري للمصادقة على سلسلة من التعديلات الدستورية، التي ستؤدي في حال تمريرها إلى ترسيخ مزيد من السلطة بيد الرئيس، وتنصيب الجيش مجددا كأعلى سلطة في البلاد.

ويبدو أن هذه التعديلات ستكون المسمار الأخير الذي يُدق في نعش المكاسب الديمقراطية الهشّة التي استمرّت بالكاد منذ ثورة ميدان التحرير سنة 2011. وترى منظمة الشفافية الدولية أن الحكومة المصرية تبعث بذلك رسالة خطيرة تُقوّض جهود مكافحة الفساد في البلاد وتُشكل سابقة مثيرة للقلق في المنطقة.

العودة إلى مظاهر الحُكم الاستبدادي

تقضي التعديلات المُقترحة بتمديد ولاية رئيس الجمهورية من 4 إلى 6 سنوات، وتُخول بذلك للرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، التمتع بولايتين إضافيتين وهو ما يُرجح بقاءه في السلطة إلى سنة 2034. في حين يُفترض أن تنتهي فترة حكم السيسي سنة 2022 على ضوء الدستور الحالي. وتتناقض هذه التعديلات مع تصريحات أدلى بها الرئيس في شهر نوفمبر 2017. حيث قال وفقا لاقتباس نشرته وكالة رويترز آنذاك "لن نتدخل في (الدستور)...أنا مع الالتزام بفترتين رئاسيتين مدة الواحدة منهما أربعة أعوام".

ولا يشكل طول فترة الرئاسة في حد ذاته الوصفة التي تؤدي إلى حُكم فاسد، ولكن ضعف الإشراف والرقابة على مؤسسة الرئاسة وغياب انتخابات حرة وعادلة من شأنه أن يُفاقم إلى حد كبير خطر هذه التعديلات وهو ما سيؤسس للاستحواذ على الدولة وسيادة الحكم القائم على الاختلاس (الكليبتوقراطية). وحيث شابت انتخابات العام الماضي في مصر ممارسات قمعية لإحباط جهود مراقبة الانتخابات كما اتسمت الفترة التي تقلد فيها السيسي منصب الرئيس بإخماد الأصوات المُعارضة.

وكما أشرنا مؤخرا في مؤشر مدركات الفساد، يوجد رابط وثيق بين النجاح في السيطرة على الفساد ومدى سلامة الديمقراطيات. حيث حققت مصر 35 درجة من أصل 100 في مؤشر هذا العام، وهي درجة تقع دون المتوسط العالمي بكثير (43 درجة). وبعودة مصر إلى مظاهر من أسس النظام الاستبدادي، فإنها تُقوّض قدرتها على السيطرة على الفساد المستشري في القطاع العام، وسيؤتي الفساد بثقله بشكل غير مباشر على بقية الجوانب الأخرى المتعلقة بالسياسة والاقتصاد والتنمية السكانية.

كما من شأن هذه التعديلات المُقترحة أن تُضعف سيادة القانون والرقابة على السلطة التنفيذية. ووفقا للنائب السابق المؤقت لرئيس الجمهورية، محمد البرادعي، "سيصبح الجيش "وصيّا على الدولة" بهذه التعديلات. كما تنص التعديلات على إلغاء الهيئة الوطنية للإعلام.

ولا يخفى على أحد أهمية الدور الذي تضطلع به المؤسسات الديمقراطية مثل المؤسسات الإعلامية الحرة والقضاء المستقل في مكافحة الفساد. في حين لن يحقق ترسيخ نفوذ الرئاسة فائدة كبرى في إرساء الاستقرار وتحقيق التنمية في مصر، وفقا لمعارضي التعديلات.

التأثير الإقليمي

إلى جانب مكانتها كإحدى أكبر بلدان المنطقة وأهمها على المستوى الاستراتيجي، تترأس مصر حاليا الاتحاد الإفريقي وتحتضن مقر جامعة الدول العربية.

وأفادت كندة حتّر، المستشارة الإقليمية المعنية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى منظمة الشفافية الدولية، قائلة: "تُمثل مصر إحدى أهم البلدان في منطقتنا على المستوى الاستراتيجي، ويجعل منها ذلك مثالا تحتذي به بقية دول المنطقة. وقد يتسبب تمرير هذه التعديلات الدستورية في مصر في أن تنتهج دول أخرى في المنطقة نفس المنهج وبالتالي لن يقتصر إحباط جهود مكافحة الفساد على مصر فقط وإنما على مستوى الإقليم أيضا."

وإذا وافق البرلمان ولجنة تشريعية على هذه التعديلات، فسيتم طرحها للإستفتاء الشعبي، الذي للأسف لا يضمن كما يجب تعبير الشعب عن رأيه.

ولتعزيز الاستقرار على نحو ناجع وتحسين التنمية في مصر، تحث منظمة الشفافية الدولية البرلمان على ترسيخ الحقوق السياسية وحمايتها والتشبث بالحكم الديمقراطي وسيادة القانون، بما يتماشى مع الالتزامات المُتعهّد بها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

الصورة: Creative Commons, Flickr, Alisdare Hickson.

فتى في مواجهة الشرطة العسكرية المصرية في القاهرة خلال الاحتجاجات المُندّدة بديكتاتورية حسني مبارك في ديسمبر 2011.

For any press inquiries please contact [email protected]